الأربعاء، 10 ديسمبر 2008

عيد.. ولا فرحة من الأعماق!








بقلم الشيخ: سعد فضل



الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عباده الذين اصطفى، وبعد..

يقول الله عز وجل: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)﴾ (يونس)، ويقول المعصوم صلى الله عليه وسلم: "يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا نحن أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب" (صحيح).



أحبتي في الله..

من شأن يوم العيد أن يكون يوم فرح ويوم سرور وابتهاج؛ بل قالوا: إنما سمِّي العيد عيدًا؛ لأن السرور يعود فيه ويتكرر.



ولكننا للأسف نحن المسلمين تأتي علينا الأعياد عيدًا بعد عيد، نحاول أن نفرح، نحاول أن نبتهج، نحاول أن نبتسم ابتسامةً تخرج من أعماق قلوبنا، ولكننا إذا نظرنا إلى حال المسلمين تقطَّعت أكبادنا حسرةً على ما وصل إليه حالنا؛ نحاول أن نفرح وكيف نفرح وهذا حالنا؟! قديمًا قال أبو الطيب المتنبي:

عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ؟ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ؟

أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ فَلَيتَ دونَكَ بِيدًا دونَهَا بِيدُ



همُّ المتنبي في هذا العيد جعلَه لا يفرح به؛ بعد الأحبة عنه, ولو كان همنا وقضيتنا بعد الأحبة لهان الأمر أما همومنا فهي أعظم وأخطر.



العيد الحقيقي الذي ننتظره

إن العيد الحقيقي الذي ننتظره والذي ينبغي أن تبتسم له الشفاه، وأن تفرح له القلوب، وأن تنشرح به الصدور، وأن تعلن به الأمة الفرحة الكبرى؛ هو العيد الذي ينتصر فيه المسلمون انتصارًا حقيقيًّا.. حين تعلو كلمة الإيمان.. حين ترتفع راية القرآن.. حين تحكم شريعة الإسلام.. حينما تتحرر أرض الإسلام.. حينما يصبح المسلمون سادةَ أنفسهم.. حينما يصبح أمرهم بأيديهم؛ يكون العيد الذي ننتظره، هو العيد الذي يصبح المسلمون فيه أحرارًا، هم الذين يُملون القرار، وهم الذين يتخذونه من عند أنفسهم، حين يكون المسلمون قادرين على الدفاع عن حرماتهم على الذَّود عن حماهم، لا يُهتك لهم عرض، لا تُنتهك لهم حرمات، لا تُسفك لهم دماء، لا يُهدم لهم مسجد، لا يُدمَّر منزل، حينما يأتي هذا اليوم يحق لنا أن نقول: عيدكم مبارك، وكل عام وأنتم بخير.



أما أعيادنا اليوم فليست أعيادًا.. إنها أعياد لا طعم لها ولا معنى لها.. كيف نعيِّد؟ كيف نفرح؟ كيف نضحك؟ كيف يمتلك التلفزيون تلك البرامج المفرحة, النافعة وغير النافعة منها, وإخواننا المسلمون هنا وهناك يذبَّحون.. يقتَّلون.. يجوَّعون.. يحاصرون.. يبادون.. يشرَّدون..؟!
قولوا بالله كيف نفرح ولنا إخوة في كل مكان يشكون الاضطهاد, ويشكون مرارة الأذى؟ كيف نفرح بالعيد وهذه حالنا؟



إننا نشكو مآسي حلَّت بالأمة فأخَّرت مسيرتها, ومزَّقت صفوفها, وأصبح أعداؤها يتحكَّمون فيها ولا تستطيع أن ترد لهم أمرًا.. مآسي وأحزانًا وهمومًا تصبحنا وتماسينا, تراوحنا وتغادينا, نشرات الأخبار معظمها مآسٍ عن المسلمين، لا نستطيع أن نغلق أعيننا، ولا نستطيع أن نصمَّ أسماعنا أمام هذا الصراخ, لا يستطيع الإنسان أمام هذه المشاهد أن يغلق بصره وسمعه.



المسلمون في كل مكان يُضطهدون لماذا؟ ألئن المسلمين قله في العدد؟ لا والله, لقد اقتربوا من المليار ونصف المليار, ولكن ما قيمة أعداد هي كثيرة كغثاء السيل كما سماها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد وأبو داوود عن ثوبان رضي الله عنه: "يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، قال قائل: يا رسول الله ومن قله يومئذ؟ قال: لا بل أنتم كثير, ولكن غثاء كثاء السيل, ولينزعن الله من صدور عدوِّكم المهابة منكم ولتعرفن، وفي رواية أبي داود: وليقذفن الله في قلوبكم الوهن قال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: "حب الدنبا وكراهية الموت"
الأمة في هذه المرحلة غثاء كغثاء السيل، ولذلك طمع فيها من لا يدفع عن نفسه, تجرَّأ عليها الجبان, تعزَّز عليها الذليل.



خير أمة إلى أين؟

الأمة التي كانت في مطلع القافلة, قرونًا طويلةً, والتي أقامت حضارةً ربانيةً إنسانيةً أخلاقيةً عالميةً.. حضارةً متوازنةً؛ كانت الحضارة الإسلامية هي الحضارة الوحيدة في العالم.



بلغنا من القوة في وقت من الأوقات أن سمع عمر بن عبد العزيز بأسير مسلم أُهين في بلاد الروم, فكتب إلى ملك الروم: أما بعد: "فقد بلغني أنك أهنت مسلمًا كتب الله له الكرامة والعزة, فإذا بلغك كتابي هذا فخلِّ سبيله, وإلا غزوتك بجنود أولها عندك وآخرها عندي, ولم يسع هذا الملك إلا أن يطلق سراح الأسير المسلم".



والتاريخ يشهد

والناظر في التاريخ الإسلامي في النصر والهزيمة، في المد والجزر، في القوة والضعف؛ يجد أننا ننتصر ونقوَى ونعتزّ ونسود ويعمّنا الرخاء والازدهار حين نقترب من الإسلام، ونضعف ونذِلّ ونُهزَم ونصبح مضغةً في أفواه الأمم يوم نبتعد عن الإسلام!.



انظر أيام الراشدين.. انظر أيام عمر بن عبد العزيز.. انظر أيام الرشيد والمأمون.. أنظر أيام نور الدين محمود وصلاح الدين الأيوبي, كلما وجدت اقترابًا من الإسلام الحقيقي, وجدت القوة والنهضة والازدهار والعزة والنصر.



حتى إذا تركنا الإسلام تركنا الله عز وجل، ووكلنا إلى أنفسنا, وإذا وكل الله امرءًا إلى نفسه فهيهات أن يتحقق له نصر أو يتحقق له سيادة!.



إذا أردنا حل مشكلاتنا, فلا حلَّ لها إلا بالعودة إلى الإسلام.. كل الإسلام.. الإسلام الشامل.



نريد الإنسان المؤمن

إن حل مشكلاتنا إنما هو في بناء الإنسان المؤمن؛ فهو المفتاح الذي به يُفتَح كل مغلق, وبه يُعالَج كل داء, وبه تنحلّ كل مشكلة.



هيهات أن يجد الناس حلاًّ لما يعانون؛ ما دام أولئك الذين نراهم في كل مكان عن يمين وشمال, من موتى الضمائر الذين لا يبالون ما أكلوا من حلال كان أم من حرام؛ الذين لا يبالون أن يبنوا قصورًا ولو من جماجم البشر, وأن يزخرفوها بدماء خلق الله.. هؤلاء لا تصلح بهم دنيا, ولا ينهض بهم دين!!.



هؤلاء الذين يتاجرون في السموم.. في الأعضاء البشرية.. في المخدرات؛ من أجل أن يكتسبوا أموالاً ولو على حساب إخوانهم وأهليهم وجيرانهم، يريد كلٌّ منهم امتلاك ثروة طائلة ولو قتَل الألوف والملايين من الناس.. تجار المخدّرات.. تجار الأغذية الفاسدة.. تجار الجنس.. تجار العملة.. تجار السوق السوداء.. الذين يقبلون الرشوة.. الذين يفسدون الحياة.. كل هؤلاء إنما حدث منهم ما حدث لفقدان الإيمان والشعور برقابة الله تعالى.



نريد الإنسان الذي يشعر برقابة الله عليه قبل رقابة الناس؛ الذي يقول ما قالته تلك الفتاة الصغيرة: إذا كان أمير المؤمنين لا يرانا؛ فإن رب أمير المؤمنين يرانا.



عيدنا وعيدهم

إن يوم العيد يوم فرحة وسرور, وكان بودِّنا أن نفرح بعيدنا، ولكنَّ آلام المسلمين تُدمي القلب, ولا تجعل الفرحة تغمر أفئدتنا كما ينبغي.



فإذا لبست أخي الحبيب الجديد في يوم العيد, وأكلت اللحم والثريد, فبالله عليك لا تنس إخوانك الذين لا يجدون ما يقيم الصلب, وما يسد الجوع, وإن أرَقْتَ الدماء في صحن دارك, فدماء إخوانك قد أُريقت ولا مجيب!.



العيد في فلسطين (في غزة).. في الشيشان.. في العراق.. في الصومال.. في أفغانستان.. في كشمير.. عيد مختلف من نوع خاص؛ فالمكان ليس في دار فسيحة, بل تحت الأنقاض, أو فوق بقايا البيوت, والطعام ليس من الضأن أو المعز, إنما لقيمات يلتقطونها من بين الركام, والأصوات ليست من التهاني والبشريات, بل من دوي القنابل والدبابات والجرافات؛ هل عرفت الفرق بين عيدنا وعيدهم؟!



الفرحة الكبرى بالعيد

الفرحة الكبرى بالعيد تكون يوم تعلو كلمة الإسلام في دنيا الناس.. يوم تحكم شريعة الله دنيا الخلق.. يوم تكون كلمة الله هي العليا وكلمة أعدائه هي السفلى ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)﴾ (الروم).



وقبل ذلك ستظل الأعياد باهتةً لا معنى لها؛ لأن الأمة لم تعد لها هويتها الحقيقية.



الاستبشار بمستقبل الإسلام

إننا نستبشر بمستقبل الإسلام؛ لأننا نعتقد أن بعد الليل فجرًا, وأن مع العسر يسرًا, وأن هذا الإسلام سينتصر, وأن الله يقول: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33)﴾ (التوبة: 33).



فاللهم مكِّن لدينك في الأرض أن يسود، ولكتابك أن يحكم.. اللهم انصر المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها.. واحفظ بلاد المسلمين من كل مكروه وسوء يا رب العلمين.. وصلَّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

----------

* من علماء الأزهر الشريف.

الجمعة، 28 نوفمبر 2008

العشر الأولى.. موسم الخيرات





بقلم: محمد عبد الله
هي مواسم للخيرات وللازدياد من الحسنات ورفع الدرجات؛ جعلها الله على طريق السالكين إليه، فاستعدوا وأعدوا كي لا تفوتكم الفرصة.

ومثلُ هذه الأيام الأول من ذي الحجة العشرُ الأواخر من رمضان، ومثلها يوم الجمعة، وقد ميَّزه الله عن أيام الأسبوع، وفيه ساعة إجابة، ومثل ذلك الأسحار من الليالي، وفيها ساعة تَجَلٍّ وقربٍ لرحمة الله تعالى من القائمين الداعين المستغفرين "إن لربكم في أيام دهركم لنفحات، ألا فتعرَّضوا لنفحات ربكم".

فضل عشر ذي الحجة
اعلم يا أخي أن الله اختار الزمان، وأحبُّ الزمان إلى الله الأشهر الحرم، وأحبُّ الأشهر الحرم إلى الله ذو الحجة، وأحبُّ ذي الحجة إلى الله العشر الأوائل.

وعشرنا هذه ليست كأي عشر، وعشرنا هذه تحتوي على فضائل عشر:



(1)أن الله تعالى أقسم بها، فقال: ﴿وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ (الفجر: 2) قال ابن عباس: إنها عشر ذي الحجة، وبه قال مجاهد ومسروق وقتادة والضحاك والسُّدِّي ومقاتل.

(2) أن الله سماها الأيام المعلومات فقال تعالى: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾ (الحج: من الآية 28) قال ابن عباس: هي أيام العشر.

(3) أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- شهد لها بأنها أفضل أيام الدنيا، عن جابر- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "أفضل أيام الدنيا أيام العشر" (رواه البزار، وابن حيان في صحيحه عن جابر بن عبد الله، وصححه الألباني في صحيح الجامع).

وقال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم-: "ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إلى الله العمل فيهم من أيام العشر، فأكثروا فيهم من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير" (رواه الطبراني في الكبير عن ابن عباس، ورواه أحمد في سنده عن ابن عمر، وإسناده جيد).

(4) أنه حثَّ على أفعال الخير فيها.
(5) أنه أمر بكثرة التسبيح والتحميد والتهليل فيها.
(6) أن فيها يوم التروية.
(7) أن فيها يوم عرفة، وصومه بسنتين.
(8) أن فيها ليلة جَمْع، وهي ليلة المزدلفة.
(9) أن فيها الحج الذي هو ركن من أركان الإسلام.
(10) أن فيها يوم النحر الذي هو أعظم أيام الدنيا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أعظم الأيام عند الله يوم انحر ثم يوم القر"، وفيها الأضحية التي هي علم للملة الإبراهيمية والشريعة المحمدية.

وذهب الإمام ابن القيم الجوزية (في زاد المعاد) إلى أن نهار العشر الأول من ذي الحجة أفضل من نهار الأواخر من رمضان، وليل العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليل العشر الأول من ذي الحجة؛ لأن فيها ليلة القدر.

وقال أبو عثمان النهري: "كان يعظِّمون ثلاث عشرات: العشر الأُوَل من ذي الحجة، والعشر الأخيرة من رمضان، العشر الأُوَل من المحرم".

فضل العمل الصالح في عشر ذي الحجة





عن ابن عباس رضي الله عنه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح أحب فيها إلى الله عز وجل من هذه الأيام"، يعني أيام العشر، قالوا: يا رسول الله.. ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله لم يرجع من ذلك بشيء" (أخرجه البخاري والترمذي وأبو داود وابن ماجة).

قال ابن رجب في (لطائف المعارف): "إذا كان العمل في أيام العشر أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيره من أيام الستة كلها، صار العمل فيها وإن كان مفضولاً أفضل من العمل في غيرها وإن كان فاضلاً، ولهذا قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد...".

ثم استثنى جهادًا واحدًا هو أفضل الجهاد، فإنه صلى الله عليه وسلم سئل أي الجهاد أفضل؟ قال: "من عقر جواده وأهريق دمه" وصاحبه أفضل الناس درجة عند الله، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو يقول: اللهم أعطني أفضل ما تُعطي عبادك الصالحين، فقال: "إذن يعقر جوادك وتستشهد في سبيل الله" فهذا الجهاد بخصوصه يفضل على العمل في العشر، وأما بقية أنواع الجهاد فإن العمل في عشرة ذي الحجة أفضل وأحب إلى الله عز وجل منها وكذلك سائر الأعمال.

وهذا يدل على أن العمل المفضول في الوقت الفاضل يلتحق بالعمل الفاضل في غيره ويزيد عليه لمضاعفة ثوابه وأجره.

الخميس، 20 نوفمبر 2008

الموسيقى والغناء بين التحربم والجواز

المصدر اسلام أون لاين

وُضِعت كتبٌ كثيرة في هذا الموضوع، كما كثُرَت الأقوال فيه، يقول البدر بن جماعة تباينَت الطرق في هذه المسألة تبايُنًا لا يوجد في غيرها، وصنَّف فيها العلماء تصانيف ولم يتركوا فيها لقائل مقالاً .
وسأكتفي بإيراد مُقْتَطَفَات من كتاب " إحياء علوم الدين " للإمام الغزالي " ج3 ص 239 " طبعة عثمان خليفة فيقول :
الأصوات الموزونة باعتبار مخارِجِها ثلاثة، فإنها إما أن تخْرُج من جماد، كصَوْتِ المزامير والأوتار وضرب القضيب والطبل وغيره، وإما أن تخرج من حَنْجَرَة حيوان، وذلك الحيوان إما إنسان أو غيره، كصوت العنادل والقماري ... فهي مع طِيبها موزونة متناسِبَة المطالع والمَقَاطِع، فلذلك يُسْتَلذ سماعها، والأصل في الأصوات حناجر الحيوانات، وإنما وُضِعَتْ المزامير على أصوات الحَنَاجِر، وهوَ تَشْبِيه للصَّنعَة بالْخِلْقَة إلى أن قال :
فسماع هذه الأصوات يَسْتَحِيل أن يُحَرَّم لِكَوْنِهَا طيبة أو موزونة، فلا ذاهب إلى تحريم صوت العندليب وسائر الطيور، ولا فرق بين حنجرة ولا بين جماد وحيوان فينبغي أن يُقَاسَ على صوت العندليب الأصوات الخارجة من سائر الأجسام باختيار الآدمي، كالذي يخرج من حلقة أو من القَضِيب والطبل والدُّف وغيره، لا يُستثنى من هذه إلا الملاهي والأوتار والمزامير التي ورد الشرع بالمنع منها(1)، لا للذتها، إذ لو كان للذة لقِيس عليها كل ما يَلتذُّ به الإنسان، ولكن حُرِّمَت الخمور واقتضت ضراوة الناس بها المبالغة في الفِطَام عنها، حتى انتهى الأمر في الابتداء إلى كسر الدِّنان، فحُرِّم معها ما هو شعار أهل الشرب، وهى الأوتار والمزامير فقط، وكان تَحْرِيمُهَا من قبيل الاتباع، كما حُرِّمَتْ الخلوة بالأجنبية؛ لأنها مُقَدِّمَة الجِمَاع …… وما من حرام إلا وله حريم يَطيف به، وحكم الحُرْمَة ينسحب على حريمه ليكون حِمى للحرام، فهي حُرْمَة تبعًا لتحريم الخمر لثلاث علل :
إحداها : أنها تدعو إلى شرب الخمر، فإن اللَّذة الحاصلة بها إنما تتمُّ بالخمر .
الثانية : أنها في حق قريب العهد بشرب الخمر، تذكِّر مجالس الأنْسِ بالشُّرب .
الثالث : الاجتماع عليها، لما أن صار من عادة أهل الفِسْقِ فيُمنع من التشبه بهم؛ لأن من تشبه بقوم فهو منهم، وبهذه العلة نقول بترك السُّنَّة، وبما صارت شعارًا لأهل البدعة خوْفًا من التشبُّه بهم، وبهذه العلة يَحْرُم ضرب الكوبة، وهى طبل مستطيل دقيق الوسط واسع الطرفين، وضرَبها عادة المُخنِّثين، ولولا ما فيه من التشبُّه لكان مثل طبل الحجيج والغزو .
ثم قال : وبهذه العلة لو اجتمع جماعة وزيَّنوا مجلسًا وأحضروا آلات الشرب وأقداحَه وصبوا فيه السَّكَنْجِبين ـ شراب حلو ـ ونصبوا ساقيًا يدور عليهم ويسقيهم، فيأخذون من الساقي ويشربون، ويُحَيي بعضهم بعضًا بكلماتهم المعتادة، حُرِّم ذلك عليهم، وإن كان المشروب مُبَاحًا في نفسه؛ لأن في هذا تشبُّهًا بأهل الفساد .
ثم ذكر أن العُرْفَ يُحَدِّد ما يُشْبِه الفُسَّاق وغيرهم وقال : فبهذه المعاني حُرِّم المزمار العراقي والأوتار كلها كالعود والصَّنج والرَّباب والبربط وغيرها، وما عدا ذلك فليس في معناها كشاهين الرُّعاة والحَجِيج … وكلُّ آلةٍ يُسْتَخْرَج منها صوت مستطاب موزون سوى ما يَعتاده أهل الشُّرب؛ لأن كل ذلك لا يتعلق بالخمر ولا يُذكِّر بها، ولا يُشوِّق إليها ولا يُوجب التشبُّه بأربابها، فلم يكن في معناها، فيبقى على أصل الإباحة، قياسًا على أصوات الطيور وغيرها، بل أقول : سماع الأوتار ممن يَضْرِبُهَا على غير وزن متناسب مستلذ حرام أيضًا . وبهذا يتبيَّن أنه ليست العلة في تحريمها مجرد اللَّذة الطيبة، بل القياس تحليل الطيبات كلِّها إلا ما في تحليله فساد، قال الله تعالى ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِن الرِّزْقِ ) فهذه الأصوات لا تُحَرَّم من حيث إنها أصوات موزونة، وَإنَّما تُحَرَّم بعارض آخر.
ثم تحدَّث ( ص 242، 243 ) عن مناسبة النغمات الموزونة للأرواح وتأثيرها فيها إما فرحًا وإما حُزْنًا وإما نوْمًا وإما ضَحِكًا ... وهذا في الشِّعر وفي الأوتار، حتى قيل : من لم يحركه الربيع وأزهاره، والعُود وأوتاره، فهو فاسد المِزاج، ليس له علاج . إن الصَّبي يُسكته الصوت الطَّيِّب عن بكائه، والجَمَل مَع بَلادة طَبْعِه يَتَأثر بالْحُداء ... ومهما قيل بتأثير الغناء في القلب لم يجُز أن يُحْكُم فيه مُطْلَقًا بإباحة ولا تحريم، بل يختلف ذلك بالأحوال والأشخاص واختلاف طرق النغمات، فحكمه حكم ما في القلب .
ثُمَّ تحدَّث عَنْ غِنَاء الحجيج تشويقًا للحج، وهو جائز مع الطبل والشاهين، لا مع المزامير والأوتار التي هي من شعار الأشرار، وعن غناء الحرب للشجاعة وهو مباح وقت إباحة الغزو، ومندوب وقت استحبابه، وعن الرجزيات التي يستعملها الشجعان وقت اللقاء للتشجيع، وهى كغناء الحرب السابق، يُباح ويُندب، ولكن يُحظر في قتال المسلمين وأهل الذِّمة وكلِّ قتال محظور . وعن أصوات النياحة ليهيج الحزن، فمنه مذموم كالحزن على ما فات، ومحمود كالحزن على التقصير في أمور الدين؛ لأنه يدعو إلى تدارك ما فات، ولهذا جاز للواعظ الطيب الصوت أن يُنشد على المنبر بألحانه الأشعار المُرَقِّقَة للقلب، وجاز له البكاء والتباكي ليتوصل إلى تبكية غيره. وعن السماع في أوقات السرور تأكيدًا وتهييجًا له، وهو مباح إن كان السرور مُباحًا كأيام العيد والعُرْس. وعن سماع العُشَّاق تحريكًا للعشق وتسلية للنفس، وهو حلال إن كان المشتاق إليه ممن يُباح وصاله كزوجته تغنَّي له، وأما من يتمثل في نفسه صورة امرأة لا يَحلُّ النظر إليها وكان يُنزل ما يسمع على ما تَمثَّل في نفسه فهو حرام، وأكثر العشاق من الشباب وقت هيجان الشهوة على ذلك، فهو ممنوع في حقهم، لا لذَاته بل لأمر يرجع إلى نفوسهم، وعن سماع مَن أحب الله، فيَسوقه إليه السماع، وهو حلال .
ثم تحدَّث عن عوارض المنع وهى خمسة : في المُسمِع ـ أي المُغني ـ والآلة، ونظم صوت، ونفس المستمع، ومواظبته، وكونه من عوام الخلق :
1 ـ فإذا كان المُسمِع ـ المُغني ـ امرأة لا يحلُّ النظر إليها وتُخشى الفتنة من سماعها، مِثْلها الصبي الأمرد الذي تُخشى الفتنة به، فهو حرام، وليس ذلك إلا لأجل الفتنة، حتى لو كان في المحاورة معها بغير ألحان وفي قراءة القرآن . ونقول : للشيخ أن يُقبِّل امرأته وهو صائم . وليس للشاب؛ ذلك لأنها تدعو إلى الوِقاع في حقه.
2 ـ إذا كانت الآلة من شعار أهل الشرب والمخنِّثين، وهى المزامير والأوتار وطبل الكوية ( حصرها الغزالي فيها، وأحل ما عدا ذلك مع اختلاف الأعراف، وبخاصة في عصرنا فيما كان من لوازم الشراب الحرام وما كان من غيره ) فهو حرام .
3 ـ نظْم الصوت إذا كان فيه خَنَا وكَذِب، فسماعه حرام بألحان وغيرها، والمُسْتَمِع شريك القائل، وكذلك ما فيه وصف امرأة بعينها فلا يجوز وصف المرأة بين يدي الرجال ... وذكر أن النسيب وهو التشبيب بوصف الخدود والأصداغ وحُسن القَدّ ـ الصحيح أنه لا يَحْرُم نَظْمُه وإنشاده بلحن وبغيره، وعلى المستمع ألا يُنزله على امرأة معينة فإن نزَّلة فليكن على من تحل له كزوجته.
4 ـ المستمع إن غلبت عليه الشهوة كالشاب حَرُم عليه الاستماع .
5 ـ العاصي الذي لم يَغلب عليه حبُّ الله ولا غلبت عليه شهوة، فيُباح كسائر أنواع الملذات المباحة، إلا إذا اتخذه دَيْدَنًا وقصَر عليه أكثر أوقاته، وذلك كلعب الشطرنج، يباح ولكن المواظبة عليه مكروهة جدًا .
ثم ذكر الغزالي أدلة تحريم الغناء وأبطلها لضعف نسبتها إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإلى صحابته، أو لضَعْفِ الاستدلال .
فمن الأول حديث " إن الله حرَّم القيْنة ـ المغنِّية ـ وبيعها وثمنها وتعليمها " وهو ضعيف ليس بمحفوظ، وحديث " كان إبليس أول من تغنَّى وناح " لا أصل له عن جابر، وأخرجه بعضهم عن عليٍّ ولم يذكر درجته، وحديث " ما رفع أحد صوته بغناء إلا بعث الله له شيطانين " وهو ضعيف . وحديث " كل شيء يلهو به الرجل باطل..." فيه اضطراب، وقول ابن مسعود " الغناء يُنْبِتُ النفاق " موقوف عليه، والمرفوع إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ غير صحيح . وحديث وضْع ابن عمر إصْبَعه في أذنه مُنْكَر .
ومن الثانية قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) قال ابن مسعود والحسن البصري والنخعي: إن اللهو هو الغناء. وردُّه بأن الحُرْمَة لعِلَّة الإضلال وليس كلُّ غناءٍ كذلك، بل إنه لو قرأ القرآن ليُضِلَّ عن سبيل الله حرُم عليه، كمن كان يتعمَّد في إمامة الناس في الصلاة أن يقرأ سورة " عبس " لما فيها من عتاب الله لرسوله، وهَمَّ عمر بقتله .
انتهى ما اقتطفتُه من كلام الإمام الغزالي، والخلاصة أنه ينبغي أن ينظر في ذلك إلى جانب الفتنة وإلى اتخاذ السماع دَيْدَنًا يُلهِي عن واجب، والفتنة إما من الكلام نفسه، وإما من الأداء والأسلوب، وإما من المغنِّي والمطرب . فإن خلا من الفتنة بأي وجه فلا بأس بالقليل منه للترويح عن النفس، على ألا يصحبه مُحَرَّم من شرب أو نظر ونحوهما .
وجاء في فتاوى الشيخ محمود شلتوت " ص 379 " الحكم بعدم الحُرْمَة مُؤَيِّدًا رأيه برأي الشيخ عبد الغني النابلسي في أن الأحاديث التي رُويت في حُرْمَةِ الموسيقى ـ على فرض صحتها ـ مقرونة بالملاهي والخمر والفتيات والفسوق والفجور، فإذا سلِم السماع من كل ذلك كان مباحًا في الحضور والسماع والتعلم .
وذكر الشيخ شلتوت أن الشيخ حسن العطار شيخ الأزهر كان مُولَعًا بالسماع عالمًا به، ومن كلماته في بعض مؤلفاته : من لم يتأثر برقيق الأشعار، تُتْلَى بلسان الأوتار، على شطوط الأنهار، في ظلال الأشجار، فذلك جِلْف الطبع حمار .
وبعدُ فإن الصوت الجميل من الطيور ومن الناس نعمة حلال، والحديث الشريف يقول " لله أشد أذنًا ـ سماعًا ـ للرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القَيْنة إلى قَيْنته " رواه أحمد وابن ماجة والحاكم وصحَّحه، وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أبي موسى الأشعري " لقد أُعطيَ مزمارًا من مزامير آل داود " رواه البخاري ومسلم . وكما استمع إلى قراءة أبي موسى وأُعْجِبَ بها استمع إلى غناء الجارِيَتَيْن عند عائشة ولم يرتضِ إنكار أبي بكر عليه وكان في أيام مِنى، وهو حديث مُتفق عليه . وجاء قريبًا منه أنه كان في يوم عيد فِطْر أو أضحى، وسمع غناء الجواري في زواج الرُّبَيع بنت مُعوِّذ ولم ينكر عليهن إلا قولهن " وفينا نبي يعلم ما في غد " رواه البخاري . ولما زَفت عائشة امرأة إلى رجل من الأنصار قال لها " يا عائشة، ما كان معكم لَهْو، فإن الأنصار يعجبهم اللهو "رواه البخاري أيضًا، وجاء في رواية ضعيفة لابن ماجة ـ كما قاله في مجمع الزوائد ـ أنه قال لها وقد زَفَّت يتيمة " إن الأنصار فيهم غزَل، هلا بعثتم معها من يقول : أتيناكم أتيناكم، فحيَّانا وحيَّاكم " .
ومن أراد التوسع فليرجع إلى :
1 ـ إحياء علوم الدين للإمام الغزالي، وشرحه للمرتضي الزبيدي .
2 ـ مدارج السالكين لابن القيم .
3 ـ كفُّ الرِّعاع عن محرمات اللهو والسماع . لابن حجر الهيتمي .
4 ـ الإسلام ومشكلات الحياة . لصاحب الكتاب.

الهوامش:
(1) حديث المنع من الملاهي والأوتار و المزامير رواه البخاري من حديث أبي عامر، أو أبي مالك الأشعري "ليكوننَّ في أمتي أقوام يستحلون الخزَّ والحرير والمعازف " صورته عند البخاري صورة التعليق ، ولذلك ضعفه ابن حزم ووصله أبو داود والإسماعيلي ، ولأحمد من حديث أبي أمامة " إن الله أمرني أن أمحق المزامير والكُبَّارات" يعني البرابط والمعازف ، وهو ضعيف ، وله حديثان آخران ضعيفان ، ولأبي داود أن ابن عمر سمع مزمارًا فوضع أصبعيه على أذنيه ، وقال أبو داود : وهو مُنكر " تخريج العراقي على الإحياء ج 2 ص 239، 240"

الخميس، 30 أكتوبر 2008

عدت بعد غياب

بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة الأحباب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عدت بعد غياب...
في البداية اود أن اعتذر عن عدم التدوين في الفترة الماضية منذ حوالي 3 أسابيع ...
ولكن الله وحده يعلم الظروف ...
أرجو من إخواني أن يقبلوا عزري .
كانت الأسابيع الثلاثة الماضية حافلة بالأحداث على الساحة المحلية الصقراوية وعلى الساحة الشرقاوية وعلى الساحة الطلابية وعلى الساحة الإخوانية وعلى الساحة المصرية بوجه عام وأخيرا على الساحة العالمية ...
لكن أشياء كثيرة منعتني من التعليق و التدوين ...
بداية مع الساحة الصقراوية ::
قام الإخوان بتوزيع جوائز المسابقة الرمضانية " كما قال لي أحد إخواني " ولكن من حيث التفاصيل فأنا لا أعرف شيء وجزى الله إخواني خيرا.

خبر آخر بالأمس القريب الأربعاء دخل الأستاذ أحمد القرام إلى غرفة العمليات بمستشفى المبرة بالزقازيق لكي يجري عملية إستئصال الطحال بعد فترة من المرض استمرت ما يزيد عن أشهر وبعد نصائح من الأطباء اقتنع الاستاذ احمد القرام بإجراء العملية وحاولت زيارته في المستشفى ولكنني لم إستطع ذلك نظرًا لأن الزيارات لها مواعيد محددة تختلف مع مواعيدي الخاصة بالزقازيق...
أعتذر للأستاذ أحمد و بأذن الله إن طال به المقام بالمستشفى فسوف أزوره في بداية الأسبوع القادم ... ولكن نرجو من الله له الشفاء العاجل ويعود بين أبنائه مرة ثانية سالماً بإذن المولى عز وجل..

أما عن الساحة الشرقاوية فقد بلغنا جميعًا أن الدكتور السيد عبد الحميد يمر بظروف مرضية شديدة في السجن فقررت إدارة السجن السماح للدكتور السيد عبد الحميد بإجراء عملية جراحية له يوم الأحد الماضي 26/10/2008 .
كانت وزارة الداخلية قد أصدرت قرارًا باعتقال د. السيد عبد الحميد؛ بعد حصوله على قرارٍ بالإفراج عنه من محكمة جنايات الزقازيق في 11 أكتوبر الجاري؛ جاء قرار الاعتقال بالرغم من تعرُّضه لنزيف داخلي حادٍّ؛ نُقِل على إثره إلى المستشفى لإجراء الجراحة بشكل عاجل، إلا أنها لم تُجرَ في حينها.
وتم اعتقال د. السيد عبد الحميد مع 20 آخرين كانوا في ضيافته في منزله يوم 27 أغسطس الماضي؛ حيث فرضت قوات الأمن حصارًا أمنيًّا على المنطقة السكنية؛ التي يقطن بها النائب السابق قبل اقتحام منزله استمر عدة ساعات!!.

وعن الساحة الطلابية فرأينا ما يحدث من تزوير وغش في إتحادات الطلاب وما يليها من مجالس تأديب وتحقيقات لطلاب الإخوان المسلمين وقد كانت لطلاب الإخوان كلمتهم في مؤتمر أجرته نقابة الصحافيين بالقاهرة ردًا على تزوير الإتحاد وقد قام أسد من أسود أولاد صقر هو الأخ طارق الجابري بإلقاء كلمة بهذا المؤتمر ولمشاهدة الكلمة بالصوت والصورة إضغط هنا .

أما عن الساحة الإخوانية فقد سمعنا جميعًا عن حوار الساعة الذي أجراه الأستاذ عبد الجليل الشرنوبي رئيس تحرير موقع إخوان أون لاين مع فضيلة الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين حفظه الله وثبت خطاه ...
تناول الأستاذ عبد الجليل مع فضيلة المرشد عدة نقاط نذكر منها :
نجهِّز لتحالف وطني يضم كل ألوان الطيف السياسي بمصر

- ما يحدث للإخوان حرب تكسير عظام من النظام ولكنها تُفيدنا
- من يتحدَّث عن انشقاقات في صفوفنا عليه أن يأتيَ بالدليل
- نشفق على شعبنا من أن يتحمَّل مصائب بطش النظام
- زيارتي لحزب الوفد اعتذار منا عن خطأ غير مقصود
- أرفض توريث "جمال" ولا يعنيني القادم في غياب الديمقراطية
- الاستبداد لن يمنع حركة الإخوان بين أسرهم وفي المجتمع
- لسنا معصومين وبابنا مفتوح لمن ينتقدنا و نشرح له مواقفنا
- طلبت من إخوان العراق دراسة الاتفاقية الأمنية رغم قلقي منها
- نتعلَّم من أسْر (الشاطر) وإخوانه إيثار الوطن على مصالحنا

ووللإطلاع على نص الحوار إضغط هنا ولمشاهدة الحوار بالصوت والصورة إضغط هنا
وحقيقة هذا الحوار جميل جدًا نرجو من إخواننا الدخول والقراءة والتعليق...

وعلى الساحة العالمية نرى جميعًا أكثر خبر يتصدر نشرات الأخبار العالمية : هو الأزمة العالمية المالية التي يمر بها العالم عامة وأمريكا خاصة ...
وكأنما بدأ النظام الرأسمالي الفاسد في الإندحار وأصبح العالم كله يبحث عن حل بديل لهذه المشكلة فلم يجدوا إلا الإقتصاد الإسلامي ولكن تكبر أمريكا وإخونها يمنعها من الإعتراف بذلك " فذرهم يخوضو ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون "

وفي مقال للدكتور عائض القرني بعنوان : "جربو الإقتصاد الإسلامي" ذكر فيه على لسان شاعر يمني :

والعـالم الثـالث في نـزاعِ مختلف الأهواء والأطماعِ

فذاك شيوعي يقـول مـالي لــدولـتي ورأس مالي

وقد دعا إلى اجتماعٍ ناصري من أجله تيتو وعبد الناصرِ

وفي الـوفود غانة غينيّةْ أظنها من أسرة غنيّةْ

تلمحهـا الأبصار بالتوالي وبالخصوص من سفير مالي

وفي نهاية هذا المقال قال فضيلته :"أيها العالم.. عندنا حل ربّاني سماوي أتانا بسند متصل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن ربِّ العالمين." وللإطلاع على ذلك المقال إضغط هنا
أحبابي في النهاية لا يسعني إلا أن أوجه لكم الشكر و أرجو منكم الدعاء لي وجزاكم الله خيرا والسلام عليكم ...

الثلاثاء، 7 أكتوبر 2008

ثوابت الإيمان بعد رمضان









كثيرٌ من الناس مَن يهتم بثوابته الدنيوية، ونجد أنَّ الناس لا يتراجعون عن هذه الثوابت، في حين أن الله سبحانه وتعالى عندما ذكر الدنيا في القرآن ذكرها مائة وإحدى عشرة مرة، وكذلك الآخرة ذُكرت مائة وإحدى عشرة مرة، فهذا يُرشدنا إلى أهمية التوازن بين الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ (آل عمران: من الآية 185)، وقال: ﴿وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ (الشورى: من الآية 35)؛ فالذي يرجو الآخرة يحافظ على ثوابت الإيمان كما يحافظ على ثوابت الدنيا.





1- الانتقال من زيارة المساجد إلى عمارتها؛ ذلك أن الله سبحانه وتعالى قال: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ﴾ (التوبة: 18)؛ فكم نحن في حاجةٍ إلى عمارة بيوت الله!، وكم نحن نعاني من الزوار!، فلنعاهد الله سبحانه وتعالى على أن نكون من عمَّار المساجد، ونتبرَّأ من الشيطان الذي يمنعنا من أن نكون من عُمَّار المساجد، والمساجد بيوت الله، التي منها تخرج القادة العظام، أمثال صهيب وعمار وبلال؛ حيث قادوا الأمة إلى أمجادها وعزها.

2- الانتقال من قراءة القرآن إلى الفهم والتدبر والتعايش مع القرآن؛ حيث قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران: من الآية 103)، وذكر مسلم من حديث سُهَيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاثًا، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا، يَرْضى لَكُمْ: أنْ تَعْبدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وأنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا، وأنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلاَّهُ اللهُ أمْرَكُمْ. وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا: قيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وإِضَاعَةَ الْمَالِ"، وكتاب الله هو حبل الله المتين، وهو الصراط المستقيم؛ فبفهم القرآن وتدبره والتعايش معه نصل إلى تطبيق القرآن دستورنا الذي ينادي به كثير من المسلمين.

3- الانتقال من صيام رمضان إلى صيام الدهر: والسنن النوافل التي سنَّها النبي صلى الله عليه وسلم من سنة الصيام كثيرة؛ فمن صيام الست من شوال إلى الأيام البيض 13- 14- 15 من كل شهر هجري، إلى صيام عرفة وتاسوعاء وعاشوراء، فهذه النوافل تُبقي الإنسان على تواصلٍ مع الله عزَّ وجل.

4- الانتقال من حصر أعمال الخير والبر في رمضان إلى كلِّ أيام وأشهر العام؛ فمؤسسات العمل الخيري كثيرة منتشرة في أرجاء البلاد، وهي تفتح أبوابها لكل الناس، وتستقبل الصدقات والزكاة من المسلمين على مدار العام، فحبذا لو خصص المسلم ولو القليل من راتبه لمؤسسات العمل الخيري.






1- العلم: ذلك أن الله سبحانه وتعالى رفع مقام العالم، وحثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على طلب العلم؛ فقد ورد في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "فَقِيهٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ" (سنن الترمذي)، والمتعلم حين يتعلم العلوم الشرعيّة المختلفة من العقيدة إلى الفقه، ينتقل حاله من كونه يعبد الله على جهل إلى عبادته على علم.

2- مجاهدة النفس: وهذه من أهم القضايا التي ينبغي للمسلم أن يحافظ عليها؛ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وقد ورد في الحديث: "وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ" (مسند الإمام أحمد).

فنسأله سبحانه وتعالى أن يتقبَّل منا صيامنا وقيامنا في رمضان، وأن يعيننا على طاعته بعد رمضان، وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
---------
* إمام مسجد الحاج بهاء الدين الحريري بصيدا- لبنان.


الخميس، 2 أكتوبر 2008

أهلا بالعيد


ايها الأحبة كل عام وأنتم بخير


ها هو قد جاء العيد تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال



وقد قام الإخوان بعدة أعمال رائعة على رأسها إستقبال المصليين وتوزيع هدايا على الأطفال


وتوزيع البسكويت والشيكولاته على المصليين


كل ذلك تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من أدخل على أهل بيت من المسلمين سرورا لم يرض الله له ثوابا الا الجنة "


واليكم بعض الصور و إن شاء الله في صور تانية وفيديوهات :



تقبل الله منا ومنكمتهنئة من الأستاذ السيد العتويل


شباب الإخوان في استقبال الضيوف


الإخوان المسلمون

توقير الكبير كل سنة و انت طيب
معا نحمل الخير لكل الناس



الإخوان في استقبال المصليين



أهلا أهلا



المصليين في انتظار الصلاة





وكل عام وأنتم بخير .... مع السلامة
بس أوعوا تنسوا تدعو لي

مخالفات في العيد.. يجب الحذر منها




هناك مخالفاتٌ يقع فيها الناس بعد انقضاء الشهر المبارك، وهو يوم فرحة، وهو يوم العيد؛ يبقى الإنسان في انقضاء هذا الشهر يجمع بين الفرح والحزن، فهو يفرح بإتمام هذا الشهر المبارك، ويحزن على فقد هذه الليالي الطيبة التي يحييها لله راكعًا ساجدًا مستغفرًا تائبًا لله سبحانه وتعالى.




ولكن البعض من الناس- منذ الإعلان عن ليلة العيد- يشعر بانقضاء العبادة وآثارها، وينتظر رمضان القادم؛ حتى يشعر بتلك اللذات، وهؤلاء قوم لم يستفيدوا من ثمار الصيام وآثاره التي تُعتبر زادًا لهم في طريقهم وسيرهم.




فمنذ أن يعلَن العيد ينشغل هؤلاء انشغالاً عجيبًا، فيغفلون عن إحياء- لست أقول إحياء ليلة العيد- وإنما عن صلاة الوتر في ليلة العيد، كم من الناس تسأله: صليت الوتر هذه الليلة؟! فيجيبك بالنفي؛ محتجًّا بانشغاله بالتجهيز ليوم العيد.. سبحان الله!! تربَّيت شهرًا كاملاً على قيام وركوع وسجود، ما كان ينبغي أن يكون آخر عهدك بالوتر وبقيام الليل هو آخر ليلة من رمضان.




من هؤلاء من يسهر ليلة العيد إلى الفجر في المعاصي والجلسات التي لا يجنون برَّها وأجرها، فنقول: رويدكم!! لا زالت آثار رمضان حيةً في القلوب، فلِمَ نختم الشهر بغفلة وبُعْد؟!




ومن هؤلاء من ينام عن صلاة الفجر يوم العيد، فتراهم يغُطُّون في نوم عميق لا يستيقظون لصلاة الفجر، في حين كان السلف يجعلون من علامة قبول العبادة بعد العبادة أن يكون الإنسان بعد العبادة أحسن منه قبلها، فمن نام عن صلاة الفجر بأي شيء ختم عبادته يتشبه- نعوذ بالله- بالمنافقين الذين أخبر النبي- صلى الله عليه وسلم- أن أثقل الصلاة على المنافقين- ذكر منها- صلاة الفجر، ونعوذ بالله أن نكون من هؤلاء القوم!!




ومن هؤلاء من يظن أن صلاة العيد أمرُها هيِّن، فيأمر أهله أن لا يوقظوه إلا لأكل وجبة العيد، فلا يشهد مع الناس الخير، وكان النبي- صلى الله عليه وسلم- يخرج ويأمر بأن تخرج النساء والعواتق وربَّات الخدور، كيف بك وليس ثمة علة؟! إنها صلاة قد قال جمعٌ من أهل العلم بوجوبها، وإن الإنسان ربما يأثم بعدم الصلاة.



ومن هؤلاء من يخرج ببناته وقد لبسْن أجْمل الثياب، وربما تكون البنت قد وصلت سنَّ البلوغ، ويلبسونها القصير، وتأتي متجمِّلةً متطيبةً متعطِّرةً، وهذا ليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن في ذلك فتنةً لها وكذلك للناس.




ومن هؤلاء من يغفل عن الخروج ببيته أجمع لشهود صلاة العيد، ولا يعلم أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قد رغَّب الرجال والنساء في حضور ذلك، فقد رُوي عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أن الله تعالى يباهي بالمصلين الملائكة، وينقضي الناس من الصلاة ويقول الله "أشهدكم أني قد غفرت لهم"، نسأل الله أن نكون ممن يُختم لهم هذا الشهر الكريم بمغفرة السيئات والذنوب.




ومن هؤلاء من يسرف في المآكل والمطاعم في أكلة العيد، فتذهب لذة الصوم التي عاشها طوال الشهر المبارك.




ومن هؤلاء من يقضي أيام العيد بمشاهدة الأفلام واستقبال ما يصل إلينا من الخبث والفساد والمعاصي، وهؤلاء- نعوذ بالله أن نكون من هؤلاء القوم- الذين يودعون رمضان بالمعاصي وظلمات، وإنما نسأل الله أن يكون رمضان انطلاقةَ خير وطاعة واستقامة على دين الله.




ومن هؤلاء من يهمل أطفاله يوم العيد في الطرقات، أو يضع أطفاله عند محلات الملاهي وسبحان الله في اسمها!! فهي من اللهو، ولهذا لم يرد اللهو بهذا المفهوم إلا مذمومًا، إلا ما استُثنِي، ثم نجد دون رقابة- أي وضع الأطفال في الملاهي- مما يؤدي إلى تعرف هؤلاء الصبية الصغار على أناس أشرار لا خيرَ فيهم، وربما علموهم من المعاصي ما لا تعلمه أنت، وربما أدى إلى تعرفهم على أمور من الفواحش ما كنت تتوقع الأمر، وهذا والله من الخطأ والجهل.



ومن هؤلاء من يفرِّط في صلاة الجماعة يوم العيد والنوم عنها، وينطلق إلى أماكن اللهو والمعاصي والظلمات، فيجلس فيها أوقاتًا طويلةً، يستمع إلى زمْرٍ وطرب وغيره، ورمضان يختم بالذكر والاستغفار والطاعة ومحبة الخير، وليس بالمعاصي.




ومن هؤلاء من يسرف في يوم العيد أو قبله بقليل بشراء الملابس، وكذلك في تغيير فرش المنزل، وتغيير حاجاتهم على وجه العموم، فنقول: رويدكم..!! كم من المسلمين ربما لا يجد لقمةً في يوم العيد؟! كم من المسلمين ربما لا يجد ملبسًا يلبسه؟! كم من المسلمين لا يجد ما يفترشه على الأرض؟! وأنت في كل سنة تغيِّر وتجدد وهكذا!! كان الأولى أن يُصرف شيء منه في أمور يستفاد منه يوم القيامة بصدقة وإحسان.



ومن هؤلاء من تتبرج نساؤه في الأماكن العامة والحدائق، وسبحان الله!! كأن الناس يقولون يوم عيد فلا مانع!! انطلق إلى الحدائق العامة ترى عجبًا!! كم من النساء تبدو سافرةً لا تعبأ بأحد كائنًا من كان، وعليها من الألبسة والأطياب وغيرها، نقول: رويدك- أختي المسلمة- تلك المواطن العامة يجب فيها الحفاظ والستر، ويجب أن تصون المرأة نفسها لا أن تنطلق متبرجةً سافرةً.




كارثة عظمى




ومن هؤلاء من يسافر إلى خارج بلده؛ بحجة الاستمتاع بالعيد، فلئن كان السفر إلى مكة أو المدينة أو بيت المقدس أو إلى مواطن يأمن فيها من الفتنة فهنيئًا له، أما أن ينطلق هو وعائلته إلى بلاد فتصحبه متبرجة سافرة تنطلق هنا وهناك!! فنقول: رويدكم فإن هذا ليس من الأمور الجائزة.




ومن هؤلاء من يغفل صلة الأرحام في هذا اليوم المبارك، وكان عليه أن يجتمع وعائلته يسلم على القاصي والداني، ويبارك لهم في الشهر ويحفهم بدعوات طيبة؛ لعله أن يكون هو وإياهم من المقبولين.




ومن هؤلاء من التجار نرى جشعًا في رفع الأسعار وغيرها، نقول: رويدكم فإن هذا الموسم موسم خير، وإن كنا نقول موسم تجارة، لكن ينبغي للإنسان أن لا يبالغ، وأن لا يرفع هذه الأسعار.




همسة للأحبة




ينبغي الحرص على الاجتماعات العائلية واستغلالها بكلمة طيبة، وبنصح وبتوجيه وتذكير، لعل القلوب أن تتعظَ وتستفيد فيكون ذلك سببًا للاستمرار في طاعة الله.




وعلينا- أيها الأحبة- أن لا يكون عهدنا بقيام الليل ليالي رمضان فقط، وأن لا يكون عهدنا بصلاة الجماعة في رمضان وفقط، وأن لا يكون عهدنا بحضور مجالس العلم والاجتماعات وقراءة القرآن هي في رمضان فقط، بل كل العبادات التي تربيت عليها في رمضان استمر عليها، واعلموا- أحبتي- أن من علامة القبول الاستمرار في العمل الصالح، وإن قل.






أسأل الله العظيم.. رب العرش الكريم أن يجعل هذا الشهر في موازين حسناتنا، وأن يجعل شهرنا شاهدًا لنا يوم نلقاه، وشفيعًا لنا بين يديه، اللهم اجعل شهرنا تربيةً لنا على طاعتك، واستمرارًا على الخير، واجعله شهر عزٍّ ونصر لأوليائك ولدينك ورفعةً لعبادك الصالحين، اللهم إنا نسألك أن ترزقنا حسن الطاعات، وإخلاص العمل، واختم لنا بخاتمة الخير والسعادة، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الاثنين، 15 سبتمبر 2008

الأستاذ أحمد القرام ألف سلامة

أيها الأحباب حدث منذ أسبوع وأكثر عطل في صقراوي فلم أستطع التدوين وكان من واجبي أن أكتب هذا الموضوع من بداية الشهر ولكن قدر الله وما شاء فعل ...

------------------


الأستاذ أحمد القرام
من مواليد القرام بقرية الصوفية - أولاد صقر - شرقية
ولد عام 1967
متزوج
مدرس رياضيات ثانوي
بمدرسة أولاد صقر الثانوية للبنين
يسكن حاليا بأولاد صقر بحي المستشفى
لديه من الذكور : خالد ، وعبد الرحمن


-------------

تلك المعلومات البسيطة ليست هى ما أعرف فقط عن الأستاذ أحمد القرام ولكني أعرف عنه الكثير غيرها ...
أعرف عنه طيبة القلب ...
أعرف عنه نقاء الفطرة ...
الأستاذ أحمد القرام هو من الشخصيات التي تذكرك بالله ...
يكفيك أن ترى النور الذي يخرج من وجهه ولا نزكيه على الله ...
إن الأستاذ أحمد من أحب الناس الى وأقربهم إلى قلبي ...
فقد كان له جليل الأثر في تشجيع هذه المدونة والدخول عليها حتى كبرت ...
إنه حقًا نعم المعلم ونعم المدرس ونعم الأستاذ ...
إنه الأستاذ أحمد القرام ... أستاذي .

-----------

يعرف بالإخلاص في العمل ...
في المدرسة أفضل مدرس واسأل طلابه ...
وفي الحقل خير فلاح ...
يكفيك أن تراه أمام بيته ينشئ بسطه ويمحر الأرضية بتواضع جم ...
هذا التواضع لا يصدر إلا عن شخصية فذه مليئة بالثقة ...

-------------

يكفي أنه حين احتاج لنقل دم وعرف الناس بذلك ...
وجدت القريب والبعيد يتوافدون على العيادة ...
لأنه الأستاذ أحمد القرام ...


أستاذي
مليون سلامة عليك


الأحد، 31 أغسطس 2008

حتى لا يضيع علينا رمضان


بقلم: د. مجدي الهلالي

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد..
فعندما يذهب شخص إلى الطبيب شاكيًا من علةٍ ما، فالمتوقع أن يستمع الطبيب إلى شكواه ثم يقوم بالكشف السريري عليه، ثم يكتب له الدواء الذي يراه مناسبًا لحالته.

ولن يفوت الطبيب تذكير مريضه بطريقة أخذ الدواء؛ فهذا يؤخذ قبل الأكل، وهذا بعده؛ وذاك قبل النوم، ثم ينصحه بالانتظام في أخذه، وفي النهاية يطلب منه مراجعته بعد أيام.

ومما لا يختلف عليه اثنان أن أول سؤالٍ سيسأله الطبيب لمريضه عند المقابلة الثانية سيكون استفسارًا عن مدى تحسن حالته الصحية، ثم بعد ذلك سيبدأ في الاستفسار عن مدى انتظام مريضه في أخذ الدواء بالجرعات المتفق عليها.

بالتأكيد- كما تعلم أخي القارئ- أنه سيسأل أولاً عن مدى تحسن حالته؛ لأن هذا هو الهدف الأساسي من مجيء المريض إليه، وما الدواء إلا وسيلة لتحقيق الهدف.

العجيب أن هذا الأمر البديهي الذي لا يختلف عليه اثنان لا نجده يحظى بمثل هذا الاتفاق في أمر العبادات وأثرها في تحسين السلوك.


غاية الخلق

لقد خلقنا الله عزَّ وجل، وأسكننا الأرض لنقوم بمهمة عظيمة، ألا وهي ممارسة العبودية له سبحانه من استسلام تام له، وطاعة لأوامره، ودوام سؤاله والافتقار والتمسكن بين يديه، والتوكل عليه، والإخلاص له، مع حبه وإيثار محابه ومراضيه على كل شيء، هذه الأمور تستلزم حياة القلب، وتخلصه من سيطرة الهوى وحب الدنيا.

ولقد أرشد الله عزَّ وجل عباده إلى الوسائل التي تقوم بإحياء القلب؛ فالعبادات أدوية ناجعة تحقق للقلب عبوديته التامة لله عز وجل ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة: 21).

فالصلاة ﴿تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ (العنكبوت: من الآية 45)، ﴿وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ (الإسراء: 109).

والصدقة تطهر القلب من حب الدنيا ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ (التوبة: من الآية 103).

والذكر يزيد القلب طمأنينةً وسكينةً ﴿أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ (الرعد: من الآية 28).

والصيام يدفع في اتجاه تحقيق التقوى ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة: من الآية 183).

ويمكننا أن نقول في إجمال: إن العبادات منظومة متكاملة لتحقيق الهدف العظيم من وجودنا على الأرض، ألا وهو تحقيق العبودية لله، والقرب الدائم منه ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾ (العلق: من الآية 19).

فما من عبادةٍ أرشدنا الله إليها إلا وتعد بمثابة وسيلةً ومركبةً تنقلنا إلى الأمام في اتجاه القرب من الله حتى نصل إلى الهدف العظيم في الدنيا "أن تعبد الله كأنك تراه".


غياب الرؤية
وعندما تغيب هذه الرؤية ويصبح الهدف هو أداة العبادة بأي شكلٍ كانت، فإن ثمرة العبادة لا تكاد تظهر للوجود، ومن ثمَّ يظل العبد في مكانه؛ لا يتقدّم في مضمار سباق السائرين إلى الله، ولا يجد حلاوة الإيمان ولا يشعر بتحسن ملحوظ في سلوكه، لتكون النتيجة أنك قد تجد أمامك إنسانًا له شخصيتان متناقضتان؛ فقد تجده شخصًا كثير الصلاة والصيام والحج والاعتمار، ومع ذلك تجده لا يؤدي الأمانة، ولا يتحرى الصدق، ويسيء معاملة الآخرين، ويحسدهم على كل خير يبلغهم، يصاب بالهلع والفزع إذا ما تعرَّضت أمواله وممتلكاته أو دنياه لمكروه.

هذه المظاهر السلبية وغيرها تدل على أن صاحبها لم يَسْتَفِد من عباداته، ولم يتحسن إيمانه بها، وبالتالي لم ينتج منها الأثر الصحيح الذي من شأنه أن يحييَ القلب ويوجِّه المشاعر نحو الله عز وجل، والسلوك نحو مراضيه.

وتأكيدًا لهذا التشخيص، لك أخي القارئ أن تتأمل قوله- صلى الله عليه وسلم-: "رُبَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ورُبَّ قائم ليس له من قيامه إلا التعب والنصب".

فالمقصد من العبادة ليس فقط أداؤها من الناحية الشكلية، بل المهم والأهم هو أداؤها بطريقة تحقق هدفها؛ فإراقة دماء الهَدْي في الحج ليست مقصودة لذاتها، بل المقصود هو زيادة الإيمان والتقوى من خلال أداء هذه الشعيرة ﴿لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾ (الحج: من الآية 37).

وفي هذا المعنى يقول ابن عباس: "ركعتان مقتصدتان في تفكُّر خير من قيام ليلة بلا تفكر".فالسير إلى الله والقرب منه إنما يكون بالقلوب، مع العلم بأن وسائل ذلك من عبادات مختلفة لا يمكن تجاوزها أو الاستهانة بها، ولكن في نفس الوقت لا ينبغي تحويلها من وسائل إلى غايات، وبالتالي أداؤها على أي نحو وبصورة شكلية.

اسأل واقعنا
ولعل الواقع الحالي للمسلمين خير دليل على أن هناك حلقةً مفقودةً بين العبادات وأثرها؛ فعلى الرغم من كثرة عدد المصلين في المساجد، وعلى الرغم من كثرة المتطوعين بالصيام والصدقات، والمتنفلين بالحج والعمرات، إلا أننا لا نرى الأثر المتوقع لهذه العبادات؛ فما أسهل أن تجد مصليًا يكذب من أجل تحقيق مصلحة أو دفع مضرة! وما أكثر أن تجد قارئًا للقرآن متقنًا لتلاوته يسيء معاملة أهله ويذيقهم الويلات تلو الويلات! وما أكثر وما أكثر...!.

وجود هذا الانفصال بين العبادات وأثرها مردُّه إلى تعاملٍ غير صحيح مع العبادات يفرغها من مضمونها الحقيقي، ويقصرها فقط على الناحية الشكلية، ولعل من أسباب ذلك:
* تسليط الضوء على أحاديث فضائل الأعمال واجتزائها من سياقها العام، وعدم النظر المتكامل لبقية الأمور التي من شأنها تحسين أداء تلك الأعمال.

* كذلك سهولة القيام بالطاعات من الناحية الشكلية فقط؛ فالاجتهاد في تحقيق التجاوب القلبي مع البدني يحتاج إلى جهد لا يريد الكثيرون بذله، وبالتالي يستسهلون ذلك التعامل الخاطئ.

* ومنها أيضًا: الشعور بالرضا عن النفس وتحقيق الذات بإنجاز (كَمّ) معتبر من العبادات، فكلما أنجز شيئًا شعر بالرضا عن نفسه، وهذا الشعور يدفعه دفعًا إلى الاستمرار في هذا الطريق.
وغير ذلك من الأسباب التي أفرزت هذا الوضع الشاذ الذي نعيشه.



تحصيل الثواب
ولئن كانت أسباب اهتمامنا بالقيام بظاهر العبادة دون جوهرها كثيرةً متعددةً، إلا أن أهم تلك الأسباب هو الرغبة في تحصيل الثواب المترتب عليها؛ فعلى سبيل المثال قراءة القرآن، هذه العبادة العظيمة التي من شأنها أن تحييَ القلب وتنيره وتشفيَه من أسقامه؛ قد تحوَّلت على ألسن الكثير من المسلمين إلى ألفاظ تُقرأ بلا فهم ولا تدبر ولا تأثر، بل أصبحت الغاية من التلاوة هي قطع المسافة بين فاتحته وخاتمته في أقل وقت ممكنٍ؛ أملاً في تحصيل الثواب؛ وذلك عملاً بقوله- صلى الله عليه وسلم-: "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله عشر حسنات، أما إني لا أقول (ألم) حرف، ولكن (ألف) حرف، و(لام) حرف، و(ميم) حرف".

العجيب أن هناك العديد من الآيات والأحاديث التي تتحدث عن تدبر القرآن لتحصيل العلم والثواب والهداية والشفاء، وتذم من يقرؤه بلا فهم أو تدبر كقوله تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾ (ص: من الآية 29)، وقوله: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ (محمد: 24)، وقوله: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾ (الفرقان: 73).

وهذا عبد الله بن عمرو بن العاص يلحُّ على الرسول- صلى الله عليه وسلم- في أن يقرأ القرآن في أقلِّ من ثلاثةِ أيامٍ فقال له: "لا يفقهه مَن يقرؤه في أقل من ثلاثة أيام".

السلسلة الصحيحة
ورأى صلى الله عليه وسلم يومًا بعض الصحابة يقرءون القرآن فقال لهم: "الحمد لله.. كتاب الله واحد، وفيكم الأخيار، وفيكم الأحمر والأسود.. اقرءوا القرآن، اقرءوا قبل أن يأتي أقوام يقرءونه يقيمون حروفه كما يقام السهم لا يجاوز تراقيَهم، يتعجلون أجره ولا يتأجلونه" (رواه ابن حبان).

ومن أقواله- صلى الله عليه وسلم-: "إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه فلم يَدْرِ ما يقول فلينصرف، فليضطجع" (صحيح الجامع الصغير: 717).

وعندما نزلت آيات سورة آل عمران: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ﴾ (آل عمران: 190) قال صلى الله عليه وسلم: "ويل لمَن قرأ هذه الآيات ولم يتفكر بها" (رواه ابن حبان).

وتأمل معي قوله صلى الله عليه وسلم: "ستكون في أمتي اختلاف وفرقة؛ قوم يحسنون القول ويسيئون الفعل، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيَهم" (رواه الإمام أحمد).

وأقوال الصحابة في ضرورة تدبر القرآن كثيرة؛ منها قول عبد الله بن مسعود: "لا تهُذُّوا القرآن هذَّ الشعر، ولا تنثروه نثر الدقل، وقفوا عند عجائبه، وحرِّكوا به القلوب، ولا يكن همُّ أحدكم من السورة آخرها".
وقول علي بن أبي طالب: "لا خير في قراءة ليس فيها تدبر"، وقول الحسن بن علي: "اقرأ القرآن ما نهاك، فإذا لم ينهك فلست تقرؤه".

وقال رجل لابن عباس: إني سريع القراءة، وإني أقرأ القرآن في ثلاث، فقال: "لأن اقرأ البقرة في ليلة فأتدبرها وأرتلها أحبُّ إليَّ من أن أقرأ كما تقول".

إذن فالنصوص التي تؤكد ضرورة تدبر القرآن وتفهمه وترتيله كثيرة، فلماذا لا يتم التركيز إلا على الأحاديث التي تسرد الثواب المترتب على القراءة فقط دون غيرها؟!

لا شك أن من أهداف تلاوة القرآن تحصيل الأجر، ولكن من خلال القراءة المتدبرة التي تزيد الإيمان وتُذكِّر القارئ بما ينبغي عليه فعله أو تركه فيصير القرآن حجة له لا عليه.

يقول ابن القيم: "لو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها؛ فقراءة آية بتفكر خير من ختمة بغير تدبر وتفهم، وأنفع للقلب، وأدعى إلى حصول الإيمان وتذوق حلاوة القرآن".

أين الثمرة؟
لقد جرَّبنا القراءة السريعة، وكان هَمُّ الواحد منا الانتهاء من ختم القرآن، بل كان بعضنا يتنافس في عدد مرات الختم، خاصةً في رمضان، فأي استفادة حقيقية استفدناها من ذلك؟! ماذا غيَّر فينا القرآن؟! أيُّ تحسُّن حدث في أخلاقنا ومعاملاتنا نتيجة كثرة القراءة باللسان والحناجر فقط؟!

إحسان ثم إكثار
ليس معنى هذا الكلام هو الزهد في الأجر والثواب المترتب على أداء العبادات، بل المقصد هو إحسان العبادة أولاً والاجتهاد في حضور العقل وتفاعل القلب معها، ثم لنكثر منها بعد ذلك ما شئنا، فنجمع بين الأمرين، وننال الخيرين.

بل إن الثواب المترتب على الأعمال يرتبط ارتباطًا وثيقًا بحضور القلب أثناء القيام بها، يقول ابن القيم: "وكل قول رتَّب الشارع ما رتَّب عليه من الثواب، إنما هو القول التام، كقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من قال في يوم: سبحان الله وبحمده مائة مرة حُطَّت عنه خطاياه، أو غُفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر"، وليس هذا مترتبًا على قول اللسان فقط.. نعم، من قالها بلسانه غافلاً عن معناها معرضًا عن تدبرها، ولم يواطئ قلبه لسانه، ولا عرف قدرها وحقيقتها، راجيًا مع ذلك ثوابها، حُطَّت من خطاياه بحسب ما في قلبه؛ فإن الأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها، وإنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب، فتكون صورة العملين واحدة وبينهما في التفاضل كما بين السماء والأرض، والرجلان يكون مقامهما في الصف واحدًا وبين صلاتهما ما بين السماء والأرض".

الفهم الصحيح أولاً
إن الفهم الصحيح لمقاصد العبادات، وأنها وسائل توقيفية لإحياء القلب بالإيمان، هو الخطوة الأولى على طريق الاستفادة الحقيقية من تلك العبادات، وسيكون من نتاج ذلك الفهم البحث عن كيفية إحسان العبادة.

ففي الصلاة: سيكون الهمُّ هو حضور القلب فيها، وهذا يستدعي التبكير إلى المسجد، والتفكر في الآيات المقروءة، والاطمئنان في الركوع والسجود، وكثرة المناجاة والدعاء والتبتل و...وفي الذكر: سُيقرنه الذاكر بالتفكر فيه، فيستغفر مستحضرًا ذنوبه وتقصيره في جنب الله، نادمًا على ما أسلف، مستحضرًا عظمة مَن عصاه، وسيقرن التسبيح متفكرًا في مظاهر عظمة الله وقدرته وإبداعه، كما يقول الحسن البصري: "إن أهل العقل لم يزالوا يعودون بالذكر على الفكر وبالفكر على الذكر حتى استنطقوا القلوب فنطقت بالحكمة".

حتى لا يضيع علينا رمضان
إذا أسقطنا هذا المفهوم على رمضان فإن تعاملنا معه سيختلف عن ذي قبل، ولأن هذا الشهر يمثل فرصة ذهبية لإحياء القلب وعمارته بالإيمان وانطلاقه في رحلة السير إلى الله؛ لما اجتمع فيه من وسائل لذلك مثل الصيام والصلاة والقيام وتلاوة القرآن والصدقة والاعتكاف والذكر والاعتمار و...

هذه الوسائل إذا ما أُحسِن التعامل معها فإن أثرها سيكون عظيمًا في إحياء القلب وتنويره وتأهيله للانطلاق في أعظم رحلة: "رحلة السير إلى الله".

أما إن تم التعامل معها بصورة شكلية محضة فسيبقى الحال على ما هو عليه؛ ستبقى الأخلاق هي الأخلاق، والنفوس هي النفوس، والاهتمامات هي الاهتمامات... والواقع هو الواقع.