الخميس، 2 أكتوبر 2008

مخالفات في العيد.. يجب الحذر منها




هناك مخالفاتٌ يقع فيها الناس بعد انقضاء الشهر المبارك، وهو يوم فرحة، وهو يوم العيد؛ يبقى الإنسان في انقضاء هذا الشهر يجمع بين الفرح والحزن، فهو يفرح بإتمام هذا الشهر المبارك، ويحزن على فقد هذه الليالي الطيبة التي يحييها لله راكعًا ساجدًا مستغفرًا تائبًا لله سبحانه وتعالى.




ولكن البعض من الناس- منذ الإعلان عن ليلة العيد- يشعر بانقضاء العبادة وآثارها، وينتظر رمضان القادم؛ حتى يشعر بتلك اللذات، وهؤلاء قوم لم يستفيدوا من ثمار الصيام وآثاره التي تُعتبر زادًا لهم في طريقهم وسيرهم.




فمنذ أن يعلَن العيد ينشغل هؤلاء انشغالاً عجيبًا، فيغفلون عن إحياء- لست أقول إحياء ليلة العيد- وإنما عن صلاة الوتر في ليلة العيد، كم من الناس تسأله: صليت الوتر هذه الليلة؟! فيجيبك بالنفي؛ محتجًّا بانشغاله بالتجهيز ليوم العيد.. سبحان الله!! تربَّيت شهرًا كاملاً على قيام وركوع وسجود، ما كان ينبغي أن يكون آخر عهدك بالوتر وبقيام الليل هو آخر ليلة من رمضان.




من هؤلاء من يسهر ليلة العيد إلى الفجر في المعاصي والجلسات التي لا يجنون برَّها وأجرها، فنقول: رويدكم!! لا زالت آثار رمضان حيةً في القلوب، فلِمَ نختم الشهر بغفلة وبُعْد؟!




ومن هؤلاء من ينام عن صلاة الفجر يوم العيد، فتراهم يغُطُّون في نوم عميق لا يستيقظون لصلاة الفجر، في حين كان السلف يجعلون من علامة قبول العبادة بعد العبادة أن يكون الإنسان بعد العبادة أحسن منه قبلها، فمن نام عن صلاة الفجر بأي شيء ختم عبادته يتشبه- نعوذ بالله- بالمنافقين الذين أخبر النبي- صلى الله عليه وسلم- أن أثقل الصلاة على المنافقين- ذكر منها- صلاة الفجر، ونعوذ بالله أن نكون من هؤلاء القوم!!




ومن هؤلاء من يظن أن صلاة العيد أمرُها هيِّن، فيأمر أهله أن لا يوقظوه إلا لأكل وجبة العيد، فلا يشهد مع الناس الخير، وكان النبي- صلى الله عليه وسلم- يخرج ويأمر بأن تخرج النساء والعواتق وربَّات الخدور، كيف بك وليس ثمة علة؟! إنها صلاة قد قال جمعٌ من أهل العلم بوجوبها، وإن الإنسان ربما يأثم بعدم الصلاة.



ومن هؤلاء من يخرج ببناته وقد لبسْن أجْمل الثياب، وربما تكون البنت قد وصلت سنَّ البلوغ، ويلبسونها القصير، وتأتي متجمِّلةً متطيبةً متعطِّرةً، وهذا ليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن في ذلك فتنةً لها وكذلك للناس.




ومن هؤلاء من يغفل عن الخروج ببيته أجمع لشهود صلاة العيد، ولا يعلم أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قد رغَّب الرجال والنساء في حضور ذلك، فقد رُوي عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أن الله تعالى يباهي بالمصلين الملائكة، وينقضي الناس من الصلاة ويقول الله "أشهدكم أني قد غفرت لهم"، نسأل الله أن نكون ممن يُختم لهم هذا الشهر الكريم بمغفرة السيئات والذنوب.




ومن هؤلاء من يسرف في المآكل والمطاعم في أكلة العيد، فتذهب لذة الصوم التي عاشها طوال الشهر المبارك.




ومن هؤلاء من يقضي أيام العيد بمشاهدة الأفلام واستقبال ما يصل إلينا من الخبث والفساد والمعاصي، وهؤلاء- نعوذ بالله أن نكون من هؤلاء القوم- الذين يودعون رمضان بالمعاصي وظلمات، وإنما نسأل الله أن يكون رمضان انطلاقةَ خير وطاعة واستقامة على دين الله.




ومن هؤلاء من يهمل أطفاله يوم العيد في الطرقات، أو يضع أطفاله عند محلات الملاهي وسبحان الله في اسمها!! فهي من اللهو، ولهذا لم يرد اللهو بهذا المفهوم إلا مذمومًا، إلا ما استُثنِي، ثم نجد دون رقابة- أي وضع الأطفال في الملاهي- مما يؤدي إلى تعرف هؤلاء الصبية الصغار على أناس أشرار لا خيرَ فيهم، وربما علموهم من المعاصي ما لا تعلمه أنت، وربما أدى إلى تعرفهم على أمور من الفواحش ما كنت تتوقع الأمر، وهذا والله من الخطأ والجهل.



ومن هؤلاء من يفرِّط في صلاة الجماعة يوم العيد والنوم عنها، وينطلق إلى أماكن اللهو والمعاصي والظلمات، فيجلس فيها أوقاتًا طويلةً، يستمع إلى زمْرٍ وطرب وغيره، ورمضان يختم بالذكر والاستغفار والطاعة ومحبة الخير، وليس بالمعاصي.




ومن هؤلاء من يسرف في يوم العيد أو قبله بقليل بشراء الملابس، وكذلك في تغيير فرش المنزل، وتغيير حاجاتهم على وجه العموم، فنقول: رويدكم..!! كم من المسلمين ربما لا يجد لقمةً في يوم العيد؟! كم من المسلمين ربما لا يجد ملبسًا يلبسه؟! كم من المسلمين لا يجد ما يفترشه على الأرض؟! وأنت في كل سنة تغيِّر وتجدد وهكذا!! كان الأولى أن يُصرف شيء منه في أمور يستفاد منه يوم القيامة بصدقة وإحسان.



ومن هؤلاء من تتبرج نساؤه في الأماكن العامة والحدائق، وسبحان الله!! كأن الناس يقولون يوم عيد فلا مانع!! انطلق إلى الحدائق العامة ترى عجبًا!! كم من النساء تبدو سافرةً لا تعبأ بأحد كائنًا من كان، وعليها من الألبسة والأطياب وغيرها، نقول: رويدك- أختي المسلمة- تلك المواطن العامة يجب فيها الحفاظ والستر، ويجب أن تصون المرأة نفسها لا أن تنطلق متبرجةً سافرةً.




كارثة عظمى




ومن هؤلاء من يسافر إلى خارج بلده؛ بحجة الاستمتاع بالعيد، فلئن كان السفر إلى مكة أو المدينة أو بيت المقدس أو إلى مواطن يأمن فيها من الفتنة فهنيئًا له، أما أن ينطلق هو وعائلته إلى بلاد فتصحبه متبرجة سافرة تنطلق هنا وهناك!! فنقول: رويدكم فإن هذا ليس من الأمور الجائزة.




ومن هؤلاء من يغفل صلة الأرحام في هذا اليوم المبارك، وكان عليه أن يجتمع وعائلته يسلم على القاصي والداني، ويبارك لهم في الشهر ويحفهم بدعوات طيبة؛ لعله أن يكون هو وإياهم من المقبولين.




ومن هؤلاء من التجار نرى جشعًا في رفع الأسعار وغيرها، نقول: رويدكم فإن هذا الموسم موسم خير، وإن كنا نقول موسم تجارة، لكن ينبغي للإنسان أن لا يبالغ، وأن لا يرفع هذه الأسعار.




همسة للأحبة




ينبغي الحرص على الاجتماعات العائلية واستغلالها بكلمة طيبة، وبنصح وبتوجيه وتذكير، لعل القلوب أن تتعظَ وتستفيد فيكون ذلك سببًا للاستمرار في طاعة الله.




وعلينا- أيها الأحبة- أن لا يكون عهدنا بقيام الليل ليالي رمضان فقط، وأن لا يكون عهدنا بصلاة الجماعة في رمضان وفقط، وأن لا يكون عهدنا بحضور مجالس العلم والاجتماعات وقراءة القرآن هي في رمضان فقط، بل كل العبادات التي تربيت عليها في رمضان استمر عليها، واعلموا- أحبتي- أن من علامة القبول الاستمرار في العمل الصالح، وإن قل.






أسأل الله العظيم.. رب العرش الكريم أن يجعل هذا الشهر في موازين حسناتنا، وأن يجعل شهرنا شاهدًا لنا يوم نلقاه، وشفيعًا لنا بين يديه، اللهم اجعل شهرنا تربيةً لنا على طاعتك، واستمرارًا على الخير، واجعله شهر عزٍّ ونصر لأوليائك ولدينك ورفعةً لعبادك الصالحين، اللهم إنا نسألك أن ترزقنا حسن الطاعات، وإخلاص العمل، واختم لنا بخاتمة الخير والسعادة، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق