بقلم: إسماعيل حامد
شهور السنة كلها لله في الطاعة والعبادة ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا﴾ (التوبة: من الآية 36)، ولكن شهر شعبان له مذاق خاص ما أحلاه! وما أغلاه! وما أطيبه! إنه شهر الحبيب صلى الله عليه وسلم، شهرٌ أحبَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفضَّله على غيره من الشهور؛ فهو الشهر الذي يتشعب فيه خير كثير؛ من أجل ذلك اختصَّه الحبيب صلى الله عليه وسلم بعبادة تفضِّله على غيره من الشهور، فقد روى الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله يصوم ولا يفطر حتى نقول: ما في نفس رسول الله أن يفطر العام، ثم يفطر فلا يصوم حتى نقول: ما في نفسه أن يصوم العام، وكان أحب الصوم إليه في شعبان".
منحة ربانية
شهور السنة كلها لله في الطاعة والعبادة ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا﴾ (التوبة: من الآية 36)، ولكن شهر شعبان له مذاق خاص ما أحلاه! وما أغلاه! وما أطيبه! إنه شهر الحبيب صلى الله عليه وسلم، شهرٌ أحبَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفضَّله على غيره من الشهور؛ فهو الشهر الذي يتشعب فيه خير كثير؛ من أجل ذلك اختصَّه الحبيب صلى الله عليه وسلم بعبادة تفضِّله على غيره من الشهور، فقد روى الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله يصوم ولا يفطر حتى نقول: ما في نفس رسول الله أن يفطر العام، ثم يفطر فلا يصوم حتى نقول: ما في نفسه أن يصوم العام، وكان أحب الصوم إليه في شعبان".
منحة ربانية
شهر شعبان هو شهر المنحة الربانية التي يهبها الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ فإن لله في أيام دهرنا أيامًا وأشهرًا يتفضَّل بها على عباده بالطاعات والقربات، ويتكرَّم بها على عباده بما يعدُّه لهم من أثر تلك العبادات، ومن تلك الأشهر شهر شعبان، وهو هديةٌ من هدايا رب العالمين إلى عباده الصالحين؛ من قَبِلها غنم، ومن ردَّها ندم؛ ففي هذا الشهر ليلة عظيمة هي ليلة النصف من شعبان، عظَّم النبي صلى الله عليه وسلم شأنها في قوله: "يطّلع الله تبارك وتعالى إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلاَّ لمشرك أو مشاحن"، وهو الشهر الذي فيه تُرفع الأعمال إليه سبحانه وتعالى؛ فقد روى الترمذي والنسائي عن أُسَامَة بْن زَيْدٍ قَال: قُلتُ: يَا رَسُول اللهِ.. لمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَال: "ذَلكَ شَهْرٌ يَغْفُل النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَال إِلى رَبِّ العَا
لمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عملي وَأَنَا صَائِمٌ"؛ ففي هذا الشهر يتكرَّم الله على عباده بمنحتين عظيمتين؛ الأولى عرض الأعمال عليه سبحانه وتعالى، وبالتالي قبوله ما شاء منها، والثانية مغفرة الذنوب للعباد من عنده تكرُّمًا وتفضُّلاً.
سنة نبوية
شهر شعبان هو شهر الهَدْي النبوي والسنة النبوية في حب الطاعة والعبادة والصيام والقيام؛ فقد روى البخاري ومسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان"، وفي رواية عن النسائي والترمذي قالت: "ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان، كان يصومه إلا قليلاً، بل كان يصومه كله"، وفي رواية لأبي داود قالت: "كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان، ثم يصله برمضان"، وهذه أم سلمة رضي الله عنها تقول: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان"، ومن حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: "وكان أحب الصوم إليه في شعبان"، ولشدة معاهدته صلى الله عليه وسلم للصيام في شعبان قال ابن رجب: "إن صيام شعبان أفضل من سائر الشهور"، قال ابن حجر: "في الحديث دليل على فضل الصوم في شعبان"، وقال الإمام الصنعاني: "وفيه دليل على أنه يخص شهر شعبان بالصوم أكثر من غيره"، وذكر العلماء في تفضيل التطوع بالصيام في شعبان على غيره من الشهور: أن أفضل التطوع ما كان قريبًا من رمضان قبله وبعده؛ وذلك يلتحق بصيام رمضان؛ لقربه منه، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها، فيلتحق بالفرائض في الفضل، وهي تكملة لنقص الفرائض.
غفلة بشرية
شهر شعبان هو الشهر الذي يغفل الناس عن العبادة فيه؛ نظرًا لوقوعه بين شهرين عظيمين؛ هما: رجب الحرام ورمضان المعظم، وقد انقسم الناس بسبب ذلك إلى صنفين: صنف انصرف إلى شهر رجب بالعبادة والطاعة والصيام والصدقات، وغالى البعض وبالغ في تعبده في رجب حتى أحدثوا فيه من البدع والخرافات ما جعلهم يعظمونه أكثر من شعبان، والصنف الآخر لا يعرفون العبادة إلا في رمضان، ولا يقبلون على الطاعة إلا في رمضان، فأصبح شعبان مغفولاً عنه من الناس، واشتغل الناس بشهري رجب ورمضان عن شهر شعبان، فصار مغفولاً عنه.
وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان؛ لأن رجب شهر محرم، وهذا ليس بصحيح؛ فإن صيام شعبان أفضل من صيام رجب، ولذلك كان اهتمام الحبيب صلى الله عليه وسلم به كما في حديث أسامة: "يا أسامة.. ذاك شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان"، وفي ذلك إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمنة أو الأماكن أو حتى الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه إما مطلقًا أو لخصوصية فيه لا يفطن إليها أكثر الناس، فيشتغلون بالمشهور عندهم عنه، ويفوتون تحصيل فضيلة ما ليس بمشهور عندهم، ولما كان الناس يشتغلون بغير شعبان عن شعبان فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعمره بالطاعة وبالصيام، وهذا فيه دليلٌ على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوبٌ من الله عز وجل؛ ولذا كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما يغفل عنه الناس فإن أجر العبادة يزداد إذا عظمت غفلة الناس عنها.
دورة تأهيلية لرمضان
شهر شعبان هو شهر التدريب والتأهيل التربوي والرباني؛ يقبل عليه المسلم ليكون مؤهلاً للطاعة في رمضان، فيقرأ في شهر شعبان كل ما يخص شهر رمضان ووسائل اغتنامه، ويجهِّز برنامجه في رمضان ويجدول مهامه الخيرية، فيجعل من شهر شعبان دورة تأهيلية لرمضان، فيحرص فيها على الإكثار من قراءة القرآن والصوم وسائر العبادات، ويجعل هذا الشهر الذي يغفل عنه كثير من الناس بمثابة دفعة قوية وحركة تأهيلية لمزيد من الطاعة والخير في رمضان؛ فهو دورة تأهيلية لصيام رمضان؛ حتى لا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد في صيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذَّته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط، وحتى يتحقَّق هذا الأمر فهذا برنامج تأهيلي تربوي يقوم به المسلم في شهر شعبان استعدادًا لشهر رمضان المبارك:
التهيئة الإيمانية التعبدية:
- التوبة الصادقة أولاً، والإقلاع عن الذنوب والمعاصي وترك المنكرات، والإقبال على الله، وفتح صفحة جديدة بيضاء نقية.
- الإكثار من الدعاء "اللهم بلغنا رمضان"؛ فهو من أقوى صور الإعانة على التهيئة الإيمانية والروحية.
- الإكثار من الصوم في شعبان؛ تربيةً للنفس واستعدادًا للقدوم المبارك، ويفضَّل أن يكون الصوم على إحدى صورتين: إما صوم النصف الأول من شعبان كاملاً، وإما صوم الإثنين والخميس من كل أسبوع مع صوم الأيام البيض.
- العيش في رحاب القرآن الكريم، والتهيئة لتحقيق المعايشة الكاملة في رمضان؛ وذلك من خلال تجاوز حد التلاوة في شعبان لأكثر من جزء في اليوم والليلة، مع وجود جلسات تدبُّر ومعايشة القرآن.
- تذوَّق حلاوة قيام الليل من الآن بقيام ركعتين كل ليلة بعد صلاة العشاء، وتذوَّق حلاوة التهجد والمناجاة في وقت السحَر بصلاة ركعتين قبل الفجر مرةً واحدةً في الأسبوع على الأقل.- تذوَّق حلاوة الذكر، وارتع في "رياض الجنة" على الأرض، ولا تنسَ المأثورات صباحًا ومساءً، وأذكار اليوم والليلة، وذكر الله على كل حال.
التهيئة العلمية
- قراءة أحكام وفقه الصيام كاملاً (الحد الأدنى من كتاب فقه السنة للشيخ السيد سابق)، ومعرفة تفاصيل كل ما يتعلق بالصوم، ومعرفة وظائف شهر رمضان، وأسرار الصيام (من كتاب إحياء علوم الدين)، وقراءة تفسير آيات الصيام (من الظلال وابن كثير).
- قراءة بعض كتب الرقائق التي تعين على تهيئة النفس (زاد على الطريق، المطويات الجديدة التي تَصدر قُبيل رمضان من كل عام).
- الاستماع إلى أشرطة محاضرات العلماء حول استقبال رمضان، والاستعداد له، ومنها شرائط أ. عمرو خالد، وشريط روحانية صائم للشيخ الدويش وغيره من العلماء.
- مراجعة ما حُفِظَ من القرآن الكريم؛ استعدادًا للصلاة في رمضان، سواءٌ إمامًا أو منفردًا، والاستماع إلى شرائط قراءات صلاة التراويح، مع دعاء ختم القرآن.
التهيئة الدعوية
- إعداد وتجهيز بعض الخواطر والدروس والمحاضرات والخطب الرمضانية والمواعظ والرقائق الإيمانية والتربوية للقيام بواجب الدعوة إلى الله خلال الشهر الكريم.
- حضور مجالس العلم والدروس المسجدية المقامة حاليًّا؛ استعدادًا لرمضان والمشاركة فيها، حضورًا وإلقاءً.
- العمل على تهيئة الآخرين من خلال مكان الوجود- سواءٌ في العمل أو في الدراسة- بكلمات قصيرة ترغِّبهم بها في طاعة الله.
- إعداد هدية رمضان من الآن لتقديمها للناس دعوةً وتأليفًا للقلوب وتحبيبًا في طاعة الله والإقبال عليه؛ بحيث تشمل بعضًا مما يلي (شريط كاسيت- مطوية- كتيب- ملصق.. إلخ).- إعداد مجلة رمضان بالعمارة السكنية التي تسكن بها؛ بحيث تتناول كيفية استقبال رمضان.
- الإعداد والتجهيز لعمل مسابقة حفظ القرآن في مكان الوجود.
التهيئة الأسرية
- تهيئة مَن في البيت من زوجة وأولاد لهذا الشهر الكريم وكيفية الاستعداد لهذا الضيف الكريم، ووضع برنامج لذلك.
- الاستفادة من كتاب (بيوتنا في رمضان) للدكتور أكرم رضا، وكتيب (الأسرة المسلمة في شهر القرآن) لدار المدائن.
- ممارسة بعضٍ من التهيئة الإيمانية السابقة مع الأسرة.
- عقد لقاء إيماني مع الأسرة يكون يوميًّا بقدر المستطاع.
تهيئة العزيمة بالعزم على:
- فتح صفحة جديدة مع الله.
- جعل أيام رمضان غير أيامنا العادية.
- عمارة بيوت الله وشهود الصلوات كلها في جماعة، وإحياء ما مات من سنن العبادات، مثل (المكث في المسجد بعد الفجر حتى شروق الشمس- المبادرة إلى الصفوف الأولى وقبل الأذان بنية الاعتكاف.. إلخ).
- نظافة الصوم مما يمكن أن يلحق به من اللغو والرفث.
- سلامة الصدر.
- العمل الصالح في رمضان، واستحضار أكثر من نية من الآن، ومن تلك النيات: (نية التوبة إلى الله- نية فتح صفحة جديدة مع الله- نية تصحيح السلوك وتقويم الأخلاق- نية الصوم الخالص لله- نية ختم القرآن أكثر من مرة- نية قيام الليل والتهجد- نية الإكثار من النوافل- نية طلب العلم- نية نشر الدعوة بين الناس- نية السعي إلى قضاء حوائج الناس- نية العمل لدين الله ونصرته- نية العمرة- نية الجهاد بالمال... إلخ).
التهيئة الجهادية:
وهي تحقيق معنى "مجاهدًا لنفسه"؛ وذلك من خلال:
- منع النفس من بعض ما ترغب فيه من ترف العيش، والزهد في الدنيا وما عند الناس، وعدم التورط في الكماليات من مأكل ومشرب وملبس كما يفعل العامة عند قدوم رمضان.- التدريب على جهاد اللسان فلا يرفث، وجهاد البطن فلا يستذل، وجهاد الشهوة فلا تتحكم، وجهاد النفس فلا تطغى، وجهاد الشيطان فلا يمرح، ويُرجع في ذلك إلى كتيب (رمضان جهاد حتى النصر) لـ"خالد أبو شادي".
- حمل النفس على أن تعيش حياة المجاهدين، وتدريبها على قوة التحمُّل والصبر على المشاقِّ، من خلال التربية الجهادية المعهودة.
- ورد محاسبة يومي على بنود التهيئة الرمضانية المذكورة هنا.
بسم الله ماشاء الله مقال جميل جدا
ردحذف