يتحمل الدكتور فتحي سرور المسئولية عن تذكيرنا بكرامة مجلس الشعب، حين ألقي علينا قبل حين درساً بخصوصها، أبرزته بحفاوة واعتزاز مختلف وسائل الإعلام المصرية المرئية والمسموعة والمكتوبة.
ذلك أن الرجل انفعل حين تكرر رفع الحذاء في قاعة المجلس، من جانب اثنين من الأعضاء المحتجين والغاضبين، ما إن جاء ذكر إسرائيل علي لسانيهما، حتي تذكر كل منهما حذاءه، وليس لديَّ أي اعتراض أو تحفظ علي ما قاله الدكتور سرور في تعقيبه علي ذلك، بل أؤيد دعوته جميع الأعضاء إلي ضرورة الالتزام في مداخلاتهم بالسلوك الذي يحفظ للمجلس هيبته وكرامته، ولو أنه قال هذا الكلام دون أن يشير إلي كرامة المجلس وهيبته لما كان لي أن أراجعه فيما قال، أما وقد تطرق إلي هذه النقطة وتحدث عنها بانفعال وحماس كما شاهدناه علي شاشة التليفزيون، فإنه أيقظ عندي عددا من الأسئلة «النائمة» التي اختزنتها.. بعدما لاحظت من شواهد عدة أن ملف كرامة المجلس وهيبته مرحل إلي أجل غير معلوم، وأن الدكتور سرور مشغول عنه بأولويات أخري، لكنني بعد الذي سمعته علي لسانه اكتشفت أنه لا يزال يذكر الموضوع، وأدركت أنني ظلمت الرجل وأسأت تقدير موقفه، وهو ما شجعني علي أن أستعيد بعضا من الأسئلة التي حيرتني حينا واختزنتها طويلا.. من هذه الأسئلة ما يلي:
* ما رأي الدكتور سرور في ظاهرة استهانة الوزراء بالمجلس وتكرار عدم اكتراثهم بحضور الجلسات التي تُناقش فيها أمور تهم وزاراتهم، والاكتفاء بإرسال مندوبين عنهم للقيام بالواجب بالمخالفة للائحة المجلس، علما بأن وزير الداخلية لم يدخل قاعة المجلس منذ أربع سنوات، رغم تعدد طلبات الإحاطة والأسئلة التي وجهت إلي وزارته؟
* حين انتهي المجلس من مناقشة قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار وإقراره بصورة نهائية، جاء السيد أحمد عز وطلب تعديل إحدي المواد، وبقدرة قادر استطاع أن يمرر التعديل علي مختلف اللجان المختصة بحيث تمت الاستجابة لرغبته خلال الأربع والعشرين ساعة التي أعقبت إقرار المشروع، هل يمس ذلك كرامة المجلس أم لا؟
* بالمناسبة هل يليق أن يستدعي السيد أحمد عز بعضا من موظفي شركاته لكي يراقبوا مدي التزام ممثلي الحزب الوطني بتنفيذ تعليمات الحضور في الجلسات المهمة، عن طريق الوقوف علي الأبواب وأخذ بطاقاتهم لتصويرها وحتي يتم تحديد المتغيبين ومحاسبتهم؟
* وهل مما يليق بكرامة المجلس أن يجلس ضباط أمن الدولة في الشرفات لتدوين ما دار فيها طوال الوقت، وأن يتولي مندوبو أمن الدولة المرور علي اللجان المختلفة لأخذ صور من قراراتها وإرسالها أولاً بأول إلي الداخلية، وهم المندوبون الذين يستنسخون جميع الأسئلة وطلبات الإحاطة ويرسلونها إلي الداخلية أيضا؟
* وهل يصح أن تُصادر الهواتف المحمولة من أعضاء المجلس، وأن يتم تفتيشهم ذاتيا، وأن يمر كل واحد منهم من خلال ثلاث بوابات إلكترونية، حين يدخلون إلي المجلس الذي هو بيتهم، في المناسبات السياسية المهمة التي تحضرها القيادة السياسية؟
* وأليس مما ينال من كرامة المجلس وهيبته أن يعتدي رجال أمن الدولة بالضرب ويقوموا بسحل أحد أعضائه أثناء مرافقته أحد المرشحين لانتخابات مجلس الشوري في دائرة السنطة «محافظة المنوفية»؟
* هل يعتبر تجاهل توصيات اللجنة البرلمانية لتقصي حقائق كارثة العبّارة التي قتل فيها أكثر من ألف مصري، مما يليق بكرامة المجلس وهيبته؟
* هل يليق بكرامة المجلس أن يمرر تعديلات دستورية تفصل شروط الترشح لانتخابات الرئاسة علي قياس بذاته، وأخري توسع صلاحيات أجهزة الأمن في الاعتقال والتفتيش والتنصت، وتقلص من دور القضاء العادي، في حين توسع نطاق القضاء العسكري الاستثنائي؟
* كيف قبلت رئاسة المجلس أن توزع الحكومة علي نواب الحزب الوطني بالذات «هبات» مالية وصفت بأنها «رشاوي»، في حين أن ذلك مما يؤثر في نزاهة الأعضاء الذين يفترض فيهم مراقبة أعمال الحكومة؟
مقال ممتاز
ردحذف