الاثنين، 25 يناير 2010

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

رسالة من: أ. د. محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين
الإخوة الأعزاء والأخوات الفضليات.. سلام الله عليكم ورحمته وبركاته..
هذه رسالتي الأولى التي أوجِّهها إليكم من موقعي هذا الذي أوليتموني فيه ثقتكم، وجعلتموني أثقلكم حملاً؛ وإن كان قالها أبو بكر الصديق تواضعًا؛ فأنا أقولها حقيقة: "وُليت عليكم ولست بخيركم، أطيعوني ما أطعت الله فيكم".. والذي نتعلق به جميعًا هو الدعاء؛ فلعل ببركته نكون من الخيرين الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه: "خير أمرائكم الذين تدعون لهم ويدعون لكم".


كانت الشورى والمؤسسية والثقة محل اختبار رباني دقيق في نفوس الإخوة والأخوات على كل مستوياتهم.. فالشورى عندنا سورة من سور القرآن، وفريضة من فرائض الإسلام، وخلق وسلوك يحتاج إلى ممارسة وتطبيق على كل المستويات والآليات المستخدمة المستحدثة من استطلاعات الرأي والانتخابات في تداول لمواقع تحمُّل المسئولية.

وقد رأيتم النموذج الذي قدَّمه المرشد السابع الأستاذ محمد مهدى عاكف، يُبلور ذلك كله في موقف يعمق فيه هذه المفاهيم والمعاني، ويرد به على كل الأكاذيب والافتراءات عليه وعلى جماعتنا المباركة، فلم نرد على من يقولون إن الإخوان يطالبون بالديمقراطية؛ لتأتي بهم الانتخابات، فإذا ما جلسوا على الكراسي رفضوا أن ينزلوا عنها؛ لذا فهم غير صادقين في المطالبة بالديمقراطية، ولم نرد بمقالات ولم نُذع بيانات؛ فنحن قوم عمليون، وإذا بموقف واحد شامخ كهذا قذف الله به على الباطل فدمغه فإذا هو زاهق، وقد طاشت أماني أخرى كثيرة بأن الأحداث التي مضت ستزلزل أركان الجماعة، ويتصدع بنيانها، وظنوا بنا ظن السوء، والحمد لله كان ركن الثقة في القيادة، وفي وعد الله، وفي حفظ الله لهذه الجماعة، وفي سلامة المنهاج، وصحة الإجراءات؛ عاصمًا بفضل الله من الفتن، ومعالجًا للأخطاء، ومكملاً للنقص في ظل الحب في الله من غير أن يجرَّ ذلك للمراء المذموم والتعصب أو الانتصار للنفس أو اتباعٍ للهوى.

إذا كان هذا الذي رأيتم على مستوى قيادتكم في أمر من أعظم وأهم أمور الجماعة المباركة، كان هذا الأداء الراقي؛ فوجب علينا أن ننزل هذا على كل المستويات، ففي لقاء الأخوة المحدود في أسرهم تكون الشورى أحد أركان بناء الشخصية المسلمة المستقلة الحرة في إبداء الرأي، والنصح ابتغاء مرضاة الله، ولا يمكن أن يقوم أفراد لا يملكون حرية رأيهم بتحرير أوطانهم؛ فإن تحرير الأوطان من كل سلطان أجنبيٍّ عسكريٍّ أو سياسيٍّ أو اقتصاديٍّ أو فكريٍّ من أهم أهداف الإخوان، ولن يتم تحرير الأوطان إلا بتحرير الإنسان.. فلنبدأ بأنفسنا، ولنمارس الشورى على كل المستويات؛ لأنها تحتاج إلى تدريب وصبر على سماع الرأي الآخر، والنصيحة التي هي لب الدين، وهي لأئمة المسلمين قبل عامتهم.

هيا نُحقق تجديد الدم بتدريب القيادات وتحميلها المستويات ليليني منكم أولو الأحلام والنهى، الصف الأول ثم الذين يلونهم، الصف الثاني ثم الذين يلونهم، إعداد ثلاثة صفوف ردائف للقياد؛ فإن إعداد الصبي المميز بحكم شرعي خاص يجيز له الإمامة في الصلاة، وهو لم يكلف بعد لفت الأنظار إلى أن إعداد القادة بالعبادة هدف يجب أن نضع له الإجراءات "كونوا عبادًا قبل أن تكونوا قوادًا، تصل بكم العبادة إلى أفضل قيادة" كما يقول الأستاذ البنا رحمه الله؛ لأن هناك من يتصور أن الاستقرار لا يتحقق إلا بالجمود وعدم التغيير؛ بينما الجسم الصحيح المعافى هو الذي تجري فيه الدماء وتتجدد فيه الخلايا، أما توقف الدم عن الجريان وتوقف الخلايا عن النشاط؛ فليس هذا استقرارًا، إنما هو مرض الموت والعياذ بالله.

ها هي جماعتكم بفضل الله ومنته خرجت مما كان أكثر عافية وأشد قوة وأمضى عزمًا على الانطلاق في نفس الطريق، وعلى نفس الثوابت والقيم التي استقاها مؤسسها الإمام حسن البنا رحمه الله بالقرآن والسنة، وسقاها الأئمة المرشدون السابقون، وضحَّى الصابرون والصابرات من أبناء الجماعة وبناتها بكل ما يملكون؛ لتبقى دعوة الله مرفوعة الراية، عزيزة الجانب، تنشر الخير في ربوع البلاد ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (المنافقون: من الآية 8) والله أكبر أمام كل الصعاب.. ولله الحمد على كل حال وفي كل حال... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق